مملكة حضرموت أحد أقدم الممالك اليمنية وهي الوحيدة التي لا يزال اسمها باقيا على مساحة كبيرة منها [1] ذكر اليونانيون و الرومان حضرموت بشئ من التحريف، ذكرها إراتوستينس باسم (لاتينية: Chatramotitae) ونبوفراستوس باسم (لاتينية: Hadramyta) وذكرها كتبة العهد القديم باسم (عبرية: חֲצַרְמָוֶת Hazar maveth) وحرفيا تعني " فناء الموت " [2] وأنه الابن الثالث من أبناء يقطان [3] ويعتقد أن كتبة التوراة
تأثروا بالأساطير الإغريقية عن حضرموت وكونها " وادي الموت " الذي يتجنب
أصحاب السفن المرور عبر سواحله، وكان ملوك حضرموت يفرضون الضرائب على
الممرات البحرية والبرية الخاضعة لهم [4] وكانت العقوبة على من يحاول الإلتفاف أو العبور من طرق أخرى هي الموت [5] وكانت هذه السياسة سبب الأسطورة وراء " وادي " أو " فناء " الموت التي إرتبطت بأذهان الإغريق والرومان ومن خالطهم ودافعا لأليوس غالوس حاكم مصر الروماني لغزو اليمن ومحاولته التي بائت بالفشل لإسقاط حضرموت وسبأ [6] وسهلت للحميريين الإنقضاض على كلاهما [7] وحضرموت حسب نصوص العربية الجنوبية القديمة اسم أرض وقبيلة، مثل السبئيين كان يحكمهم أول الأمر كهنة يسمى أحدهم " مكرب " وتعني " المقرب من الآلهة " [8] ومن المكربيين الذين عثر على أسمائهم في النصوص " يرعش بن أبيشع " والذي بنا سورا حول حضرموت لحمايتها من غزو الأعداء و الحميريين تحديدا [9]
وكلف بإنشاء السور رجل مقرب من هذا المكرب يدعى " شكم سلحن بن رضون "
(شكيم سلحان بن رضوان) الذي إستغرقه بناء السور ثلاثة أشهر وبني في القرن
الخامس قبل الميلاد [10]
كان الهدف من بناء الأسوار وأبراج " يذان " و"يذقان " و" يكن " هو منع
المارة من دخول حضرموت دون إشراف الجنود الذي أشار إليهم النص باسم "أسدم" [9]
وتولى الحكم بعد المكرب "يرعش" إبنه "علهن" كما تظهر النصوص اسمه " علهن
بن يرعش". ولا يعرف على وجه الدقة ماإذا كان آخر المكربيين في حضرموت لإن
الحضارم تركوا لقب "مكرب" وتلقب زعمائهم بلفظة "ملك" وجعل فيلبي الملك " صدق إيل " أول ملوك حضرموت بعد المكاربة [9] ويظهر أن حضرموت كانت على اتصال وثيق بمعين لإن بعض ملوك معين كانوا ملوكا على حضرموت وبعض الحضارم كان ملكا على معين [11][12] و البت في تاريخ حضرموت القديم أمر صعب لإن الكتابات المكتشفة أقل بكثير من نظيرتها السبئية و الحميرية [13] نهاية حكم مملكة حضرموت كان على يد الملك الحميري شمر يهرعش في القرن الميلادي الثالث وإنضموا إلى مملكة سبأ وذو ريدان
ودخل وائل بن حجر في الإسلام وتبعته حضرموت ودخلت في دولة الخلفاء الراشدين والخلافات التي تبعتها.
نبذة
قامت مملكة حضرموت في جنوبي شبه الجزيرة العربية إلى الشرق من اليمن على ساحل بحر العرب، في منطقة واسعة تحيط بها رمال كثيفة تُعرف بالأحقاف، واشتهرت بوجود مدينتيّ تريم وشبوة، حيث أقيمت حولهما قرى وقلاع عديدة. ويرجع اسم حضرموت إما إلى اسم شخص هو حضرموت بن قحطان، الذي نزل في هذا المكان فسُمي باسمه، أو أنه لُقّب بهذا الاسم لأنه كان إذا حضر حربًا أكثر فيها من القتل، وإما إلى معناها اللغوي "دار الموت" أو "وادي الموت" المأخوذ من اللغة العبرية.[15] عاصرت هذه المملكة ممالك معين وسبأ وقتبان، ودخلت عندما ضعفت، تحت حكم الدولة الحميرية الثانية. كانت عاصمتها القديمة "ميفعة"، ثم انتقلت إلى شبوة التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد، وعاش أهلها على الزراعة والتجارة، حيث كانت تُصدّر اللبانوالبخور والمر برًا وبحرًا.[16] خضعت مملكة حضرموت للسبئيين، وقضى الحميريون عليها في منتصف القرن الرابع الميلادي.النشأة
لحضرموت علاقة متينة بمعين أقوى من علاقتها بالحميريين والسبئيين. ففي نص يعود إلى 935 ق.م، ورد اسم ملك يدعى "شهر علن بن صدق إيل " كان ملكا حضرموت إلى جانب ملك معيني آخر يدعى " أب يدع يثع " وكانوا إخوة [11] تقربوا لإلهتهم " عثتر ذو قبضم " (عثتر ذو قبض) و"ود" (ود المشهور في الميثولوجيا العربية قبيل الإسلام) و"نكرح" [12] وذكر نفس النص العلاقات القوية التي كانت تربط حضرموت بمعين. وتشير النصوص تعود إلى عهد هذا الملك إلى معركة نشبت بين قبيلتين تابعتين له هما "مذي" و"مصران" ودون النص رجل يدعى " سعد بن ولج بن ذو ضفجن " وذكر أن ملوك حضرموت ومعين كانا من أسرة تدعى "ذو يفعن " (آل يفعان) [12][17] تشير بعض النصوص كذلك إلى أسماء ملوك هم " يدع آل بين " و" السمع ذبيان " و" يدع أب غيلان" وغيلان هذا أكثر وضوحا وتفصيلا ممن جاء قبله من الملوك حسب الكتابات المكتشفة [18] وقد تحالف " يدع أب غيلان " مع أحد ملوك سبأ وهو الملك الهمداني " علهن نفهن " ضد الحميريين وأنتصر عليهم الحلف في موقع "ذات عرمن" (ذات العرم) [19] تولى الحكم بعد "غيلان" ملك يدعى " العزيلط" (العز يلط) وقال فيلبي أنه ابن لغيلان [20] وعثرت كتابات في جبل قيل له "قرنم" (القرن) على اسم الملك "العزيلط" وعدد من مرافقيه ذكرت أسمائهم كذلك وهم "شهرم بن وايلم" (الشهر بن وائل) و"أبفل بن القثم " و" وهب إيل هكحد" [21] وورد في النص نفسه اسم والد "العزيلط" وهو " عمذخر" وهو مايعارض توجه فيلبي أن والد العزيلط كان يدع أب غيلان [22] ويشير نص آخر يعود لعهد الملك نفسه إلى توجهه إلى حصن يقال له "أنود" لتتويج نفسه ملكا على حضرموت، كتب النص زعيمان من زعماء حمير [23] وذكر حصن "أنود" هذا عدة مرات ويشير إلى نفس المناسبة وهي تولي أحد الملوك الحكم ويظهر أنه كان أحد الأماكن المقدسة لديهم [24] ونص النقش هو "العزيلط ملك حضرموت بن عمذخر سارن دلن أنود هلقب" وتعني (العزيلط بن عمذخر ملك حضرموت سار إلى أنود ليتلقب) [23] ويظهر أنه كان معاصرا لملك سبأ "ثارن يهنعم" كما يشير النص إلى رجلان مبعوثان من عنده لتهنئة ملك حضرموت. ويعتقد بعض الباحثين أن "العزيلط" كان لقبا أكثر مما هو اسم لوروده في نقوش ملوك حضارم أخرىن [25][26][27] وورد في كتابات تشير إلى ملك باسم "العزيلط" إستقبل وفودا تجارية من الهند و تدمر وآراميون ومن قبيلة اسمها "قريشم" [28] ولا يدرى إن كانت "قريشم" هذه هي قبيلة قريش صاحبة مكة فلم يذكر النص موطنها, فإن كانت فهذا النص يعتبر النص الأركيولوجي الوحيد الذي يشير إليها قبل الإسلام [29] وتكمن أهمية في النص في الإشارة إلى علاقة ممالك اليمن القديمة بغيرها من دول العالم القديم عن طريق ميناء قنا الذي يبعد عن المكلا قرابة 120 كيلومتر. وذكر اسم ملك حضرمي هو "يدع ايل بن رب شمس" من قبيلة ذكرها النص باسم "يهبر" وأنه كان من "أحرر يهبر" (أحرار يهابر) [22] ويعود النص إلى سنة 180 - 200 للميلاد. ويظهر من نصوص أخرى تعود إلى عصر الملك نفسه أنه كان متحالفا مع مملكة قتبان ضد سبأ وذكرت أسماء القبائل المشاركة في الحرب وهي " ذرحن" (ذرحان) و"مرثد" من طرف سبأ و"خولن" (خولان) و"خصبح" و"مفحى" و"يام" و"كلب" في طرف ملك حضرموت [30] وورد كذلك نقش جاء فيه :"رب شمس خير اسدم بن يدع آل بين" أي (رب شمس أمير جنود أو أسود يدع آل بين) مما يظهر قيادة هذا الملك للجيش الذي حارب السبئيين في شبوة [31]الديانة
كان الحضارم وثنيين يتعبدون للإله سين الذي كان إلها للبابليين والآشوريين كذلك [32] [33] وكانوا الوحيدين دون السبئيين و القتبانيين و الحميريين ممن قدس هذا الإله وجعله كبيرا للآلهة، لإن السبئيين والحميريين قدسوا المقه و ذو سماوي من بعده [34][35] وهو مالم يظهر في حضرموت قبل إندماجهم في مملكة سبأ وذو ريدان على اليد الملك الحميري شمر يهرعش الذي أنزل الخراب على كثير من المدن وأحرقها كما جرت عادة ملوك اليمن القدامى مع أعدائهم [36] إلا أنهم أشتركوا مع غيرهم من ممالك اليمن القديم في تقديس عدد من الأصنام هي "عثتر" و" ذات حميم" و" ذات حشول" [32] و ذات حشول وحميم كانوا إناثا [37] وورد نص يشير إلى تقديم الملك "يدع إيل بن رب شمس " أضحية في معبد "علم" في شبوة عبارة عن 35 ثور و 82 خروف و 25 غزال و 8 فهود إلى الإله سين شكرا له على النجاح الذي حققه في طرد السبئيين من شبوة وإعادة إعمار المدينة من جديد بعد أن أحرقتها سبأ [38] ولم تذكر النصوص الحميرية حضرموت في جملة من إعتنق اليهودية في عهد يوسف آزار يثأر فقد ذكرت همدن (همدان) و كدت (كندة) و مذحجم (مذحج) ضمن من تهودوا وإنضموا إلى ذو نواس الحميري في معاركه ولم تذكر حضرموت [39] وآمنت حضرموت بالمسيحية عند إعتناق الملوك الحميريين الذين وحدوا اليمن لها في القرن الميلادي الرابع [40] ولم يتركوها وكانوا ممن تعرض لمجازر ذو نواس والقبائل المذكورة التي كانت معه [41]السقوط
إنتهى حكم مملكة حضرموت في القرن الميلادي الثالث على يد شمر يهرعش وبقيت ضمن ممالك "ملوك سبأ وذو ريدان وحضرموت واليمن وتهامة والمرتفعات" إلى القرن الميلادي السادس عند سقوط مملكة حمير على يد مملكة أكسوم بدعم من ملك القسطنطينية جستين الأول [42] عاد بعض الاستقلال للحضارم بعدها إلا أنهم لم يسلموا من إعتداءات أعراب قبيلة كندة التي كانت تستوطن المناطق ما بين مذحج و حضرموت (شرق مأرب والجوف حاليا) [43] وتوغلت قبيلة "بني جبلة بن عدي" التي ينتمي إليها الأشعث بن قيس في حضرموت وسيطروا على أجزاء منها وبقيت الأمور سجال بين "جبلة بن عدي" هولاء وحضرموت حتى الإسلام ودخلت حضرموت الإسلام بعد الكتاب الذي تلقوه من النبي محمد وكان وائل بن حجر الحضرمي كبير الأقيال في حضرموت حينها وجاء في الكتاب الذي كتب بلهجتهم [44] :بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة الأرواع المشايب بحضرموت، في التيعة شاة غير مقورة الألياط ولا ضناك، وأنطوا الثبجة، وفي السيوب الخمس، ومن زنى ممبكر فاصقعوه مائة واستوفضوه عاماً، ومن زنى ممثيب فضرجوه بالأضاميم، ولا توصيم في الدين، ولا غمة في فرائض الله تعالى، وكل مسكر حرام ،و وائل بن حجر يترفل على الأقيال | ||
—رسالة النبي محمد إلى أقيال حضرموت
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق